HSBC ينهي خدماته المصرفية لأثرياء الشرق الأوسط وسط تدقيق مالي.

في خطوة غير متوقعة، أعلن بنك HSBC، عبر ذراعه المتخصصة في الخدمات المصرفية الخاصة بسويسرا، عن قراره بإنهاء التعاون مع ما يزيد على ألف عميل من أصحاب الثروات الطائلة في منطقة الشرق الأوسط، ويشمل ذلك العديد من ذوي الأصول المقدرة بأكثر من 100 مليون دولار أمريكي.
يأتي هذا الإجراء في سياق خطة شاملة للبنك تهدف إلى الحد من المخاطر المرتبطة بالتعامل مع العملاء الذين تصنفهم على أنهم "عاليي المخاطر"، وذلك وفقًا لمصادر موثوقة صرحت لوكالة "بلومبيرغ". وقد بدأت بالفعل بعض الجهات المتضررة من هذا القرار بتلقي إشعارات رسمية تفيد بوجوب إغلاق حساباتهم، مع توجيهات واضحة لنقل ممتلكاتهم وأصولهم إلى أماكن أخرى خلال الأشهر القادمة.
يُعتبر بنك HSBC من بين أكبر المؤسسات المالية على مستوى العالم، وتتخصص وحدته السويسرية في تقديم خدمات مصرفية خاصة تتركز على إدارة الثروات للأفراد ذوي الملاءة المالية الكبيرة. ومع ذلك، واجهت هذه الوحدة تحديات جمة في السنوات القليلة الماضية، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط التي تعتبر مركزًا ماليًا مرموقًا يستقطب مديري الثروات الباحثين عن فرص استثمارية واعدة.
تتزامن هذه الخطوة مع فترة يخضع فيها الفرع السويسري لتدقيق دقيق ومكثف من قبل هيئة الرقابة المالية السويسرية (Finma)، التي وجهت انتقادات حادة للبنك بسبب تقاعسه عن تنفيذ إجراءات فحص كافية للحسابات التي تنطوي على مخاطر عالية، وتحديدًا تلك المرتبطة بشخصيات بارزة ومؤثرة.
في شهر يونيو من عام 2024، كشفت Finma عن وجود تقصير من جانب HSBC في التحقق من مصادر الأموال في معاملات مالية تجاوزت قيمتها 300 مليون دولار أمريكي بين لبنان وسويسرا، وذلك خلال الفترة الممتدة من عام 2002 إلى عام 2015. وقد أدى ذلك إلى فرض قيود صارمة على البنك، تمنعه من إقامة علاقات جديدة مع أشخاص ذوي مناصب سياسية رفيعة حتى يتم معالجة هذه الثغرات وتصحيح الأوضاع.
علاوة على ذلك، يواجه البنك تحقيقات من قبل السلطات السويسرية والفرنسية بشأن اتهامات تتعلق بغسيل الأموال، في قضية مرتبطة بحاكم البنك المركزي اللبناني السابق رياض سلامة، الأمر الذي زاد من الضغوط على البنك لإعادة تنظيم عملياته وهيكلتها بشكل جذري.
يعكس هذا القرار الإستراتيجية التي أعلنها بنك HSBC في أكتوبر 2024 لإعادة تشكيل عملياته العالمية، بهدف تأسيس مؤسسة مالية أكثر بساطة وتركيزًا على الأسواق التي يتمتع فيها بميزة تنافسية واضحة. ومع ذلك، يعتبر هذا التحرك بمثابة انتكاسة لجهود البنك في تعزيز حضوره القوي في سوق إدارة الثروات في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما بعد تعيين علاء الدين هنغاري، المدير التنفيذي السابق في "كريدي سويس"، لتولي قيادة هذا القطاع الحيوي.